ساهمت الأيام الـ10 الأخيرة في بدء تبلور الموقف الدولي إزاء الأزمة اللبنانية، وثمة إشارات واضحة إلى أن هناك حراكاً جدّياً يهدف إلى رسم معادلات جديدة في المنطقة.
وحتى الآن، فإن مفتاح الحل ما زال ضائعاً بين أوراق التسويات الكُبرى، إلا أنّ ما يتبين من اللقاءات والاتصالات أنّ هناك اتفاقاً دولياً بات يلوح بالأفق لاعتماده أساساً لحل أزمة لبنان والتأسيس من خلاله لمرحلة جديدة قائمة على "إعادة تشكيل النظام اللبناني واستبعاد شخصيات بارزة منه عن المشهد السياسي"، وهذا الأمر الذي ألمح إليه سفير الاتحاد الأوروبي رالف طرّاف بالأمس بقوله أنّ "النظام السياسي في لبنان بحاجة ماسّة إلى شرعية جديدة.
وبشكل أو بآخر، فإنّ الاجتماع الثلاثي الأميركي – الفرنسي – السعودي في مدينة ماتيرا الإيطاليّة قبل أيام والذي تناول الملف اللبناني، يعتبر نواة واضحة لتنسيق التسوية الجديدة، على أن يكون العرابون فيها 5 دول وهي: الولايات المتحدة، روسيا، فرنسا، السعودية وإيران.
وما يتأكد حالياً هو أنّ الاهتمام الأميركي بلبنان كبير جداً، وما تكشفه المواقف هو أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بدأت ترسم الخطوط الواضحة والعريضة لكيفية التعاطي مع الملف اللبناني، والانطلاق منه لرسم خارطة التحالفات الجديدة في المنطقة, ووسط كل ذلك، فإن الثقل الأميركي الموجود بشأن لبنان والذي تكشفه المواقف المعلنة، يتقاطع مع حراكٍ لروسيا يهدف إلى تبثيت موطئ قدم لها هنا، والتأسيس لبنى تحتية ومشاريع استثمارية تفتح الباب أمام موسكو لطرح نفسها شريكة في الحل أيضاً.
وعملياً، فإن الدخول الروسي إلى لبنان خصوصاً بعد وصول وفد من شركات استثمارية روسية في مجالات متعددة قبل أيام إلى بيروت، والحراك الذي تلعبه قيادة الكرملين في استقطاب القادة اللبنانيين، لا يمكن أن يكون بعيداً عن موافقة واشنطن التي باتت تُسلّم بأن الوجود الروسي في سوريا بات ثابتاً ولا يمكن إلغاؤه أبداً. وبشكل فعلي، فإن هذه النقطة محورية بكل المقاييس، ولهذا، فإنّ لبنان قد يشكل أرضية لتقارب روسي – أميركي وأساسه التمهيد لوضع اتفاق جديد بشأن النفط والغاز عند السواحل اللبنانية، وهنا يمكن مفتاح الحل الأساس.
تعليق