باتت الهجمات السيبرانية ميداناً لممارسة النفوذ العالمي والتنافس الدولي عبر تعطيل مواقع حيوية للدول، وأخذ الصراع بين دول العالم يتجه نحو الحروب السيبرانية بسبب ازدياد الاعتماد في أوجه الحياة كافة على الحواسيب في ظل الثورة المعلوماتية، ولذلك اضطرت دول العالم إلى تعزيز قدراتها الهجومية السيبرانية وتقوية مناعتها الدفاعية ضدها، عبر تطوير برامج لتحصين برامجها الإلكترونية.
وقبل الهجوم الروسي على أوكرانيا بنحو شهرين أعلنت كييف تعرض عدد من وزاراتها وسفاراتها لهجوم سيبراني أوقفها عن العمل، بينها وزارتا الخارجية والتعليم وسفارات أوكرانيا في بريطانيا والولايات المتحدة والسويد، وبعد ذلك بأسابيع واجهت شركتا "مابانافت" و"أويل تانكينغ" الألمانيتان هجوماً سيبرانياً غير مسبوق أدى إلى انقطاع إمدادات البنزين شمال البلاد، وفي اليوم التالي تعرضت منشآت حيوية في بلجيكا وهولندا إلى هجوم مماثل بعدما تعرضت منشآتهما النفطية في الموانئ إلى هجوم إلكتروني.
وأبلغت شركتا "سي-إنفست" البلجيكية و"إفوس" الهولندية عن هجمات سيبرانية شلت أنظمة المعلومات وأعاقت تشغيل الموانئ.
وفي مارس (آذار) الماضي انهارت مواقع حكومية إسرائيلية عدة جراء هجوم سيبراني وصف بأنه "الأكبر ضد إسرائيل"، بحسب ما أفادت الهيئة الوطنية للأمن السيبراني الإسرائيلي، وشملت تلك الهجمات، التي اتهمت إيران بالمسؤولية عنها واستمرت ساعة ونصف الساعة، وزارات الداخلية والعدل والصحة والرعاية الاجتماعية ومكتب رئيس الوزراء، وأعلنت إسرائيل خلال السنوات الماضية تعرض مؤسسات تجارية وشركات تأمين ومستشفيات ومصلحة المياه إلى هجمات سيبرانية عدة، اتهمت فيها إيران أو جهات محسوبة عليها بالمسؤولية عنها.
ويعتبر هجوم "برامج الفدية" عام 2017 من أكبر الهجمات السيبرانية، إذ أصاب أكثر من 200 ألف جهاز حاسوب في أكثر من 150 دولة بكلفة عالمية تجاوزت السبعة مليارات دولار، وحصل الهجوم عندما فتح مستخدمو الحواسيب رسائل تحتوي على برامج ضارة بمجرد أن يتأثر جهاز الحاسوب بها يتم تشفيره بطريقة لا يمكن لصاحبه الوصول إليه إلا بعد دفع فدية مالية بعملة "بيتكوين".
وفي العام 2012 تعطل نحو 30 ألف حاسوب لشركة "أرامكو" السعودية بسبب هجوم سيبراني بفيروس "شمعون"، وعاد عام 2016 لتعطيل الخدمات في بعض الجهات الحكومية السعودية، إضافة إلى تعطيل موقع وزارة العمل والاتصالات وتقنية المعلومات عام 2017.
كما استهدف فيروس "شمعون" شركتي "راس غاز" وشركة الغاز الطبيعي القطريتين مما تسبب بتعطيل أنظمة الحاسوب مؤقتاً.
وفي العام 2014 اتهت شركة "لازاروس" باختراق شركة "سوني" اليابانية وسرقة 100 تيرابايت من إنتاجها احتجاجاً على فيلم أنتجته يسخر من الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، كما وقعت شركة كوريا الجنوبية للطاقة المائية والنووية ضحية لهجمات سيبرانية أدت إلى تسريب معلومات حول الشركة والموظفين، وأعلنت الشركة اختراق أنظمة الحاسوب الخاصة بها واستخدام القراصنة حسابات مواقع التواصل الاجتماعي لنشر بيانات الشركة، إضافة إلى مطالبتها بإغلاق ثلاثة مفاعلات نووية.
ومنذ العام 2007 بدأت واشنطن عملية "الألعاب الأولمبية" لتعطيل وتدمير المفاعلات النووية عبر الهجمات السيبرانية التي تمكنت من إيقاف العمليات في آلاف أجهزة الطرد المركزي في محطة نظنز النووية.
وفي العام 2003 اتهمت وزارة الدفاع الأميركية الصين بالمسؤولية عن سلسلة هجمات سيبرانية على أنظمة الكمبيوتر استمرت ثلاث سنوات، وتركزت تلك الهجمات على المقاولين الرئيسين لوزارة الدفاع، وتمكن المهاجمون خلالها من الحصول على معلومات حساسة من أنظمة الكمبيوتر.
وفي العام 2007 تعرضت إستونيا لسلسلة من الهجمات السيبرانية أصابت بالشلل شبكات الحواسيب في إستونيا والوزارات الحكومية والبنوك ووسائل الإعلام، وجاءت تلك الهجمات، التي اتهمت روسيا بالمسؤولية عنها، رداً على نقل تمثال الجندي البرونزي الذي شيدته الحكومة السوفياتية عام 1947 من العاصمة تالين إلى مقبرة عسكرية في ضواحي المدينة.
تعليق