أعادت الاشتباكات المسلحة التي اندلعت فجأة يوم الخميس الماضي بين المجموعات المتناحرة في بيروت ذكريات الحرب الأهلية اللبنانية التي دامت 15 عاماً. فتجسد المشهد بالقناصة الجاثمين على أسطح المنازل مطلقين النار على المتظاهرين، كما وبالمسلحين الملثمين المجهزين بأسلحة آلية وقذائف صاروخية مالئين الشوارع فجأة. وتسبب هذا الوضع بالذعر، خاصة في المدارس.
وسرعان ما اتخذت المعركة منحى طائفيا، فألقى كل من حزب الله، وهو مجموعة مدعومة من إيران، وحليفه الشيعي "حركة أمل" باللوم على حزب "القوات اللبنانية" متهمينه بالتحريض على القتال باستخدام القناصة. وكانت المجوعات الثلاث قد لعبت دوراً رئيسياً في الحرب الأهلية التي انتهت في العام 1990".
بحسب الصحيفة" لم تكن الاشتباكات والتي أسفرت عن مقتل سبعة أشخاص وإصابة العشرات السبب الوحيد الذي أعاد مشاهد الحرب الأهلية إلى الأذهان. فساهمت الموروثات المركزية للصراع، وذلك بعد العفو العام الذي سمح للمجموعات الطائفية وأمراء الحرب في لبنان بعدم تحمل المسؤولية عن "جرائمهم" كما وبتقسيم المؤسسات العامة وتوسيع شبكات المحسوبية الخاصة بهم، بترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب للنخبة السياسية في لبنان.
فبعد ثلاثة عقود من انتهاء الحرب، لا يزال القادة والأحزاب أنفسهم يحتفظون بالسلطة ويواجهون كل تحدٍ لسلطتهم، وذلك غالباً عن طريق تأجيج الطائفية وشبح تجدد القتال لاغراض شخصية بعيدة عن استقرار و مستقبل لبنان.
وتأتي الاشتباكات في الوقت الذي تنهار فيه الدولة اللبنانية في ظل ثلاث أزمات مترابطة: انهيار اقتصادي، والذي صفه البنك الدولي على إنه قد يكون من بين أشد ثلاث أزمات في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر،والشلل السياسي، حيث تواصل الأحزاب الطائفية في البلاد القتال على غنائم النظام المفلس، وتحقيق معطل في الانفجار الهائل الذي وقع في مرفأ بيروت في آب 2020، وأودى بحياة أكثر من 200 شخص وألحق أضرارًا بمليارات الدولارات.
تعليق