
لا شك في أن الآليات التي يصر الرئيس ميقاتي على إعتمادها في التأليف، من شأنها أن تؤدي الغرض في ولادة حكومة قادرة بالفعل على وقف الانهيار وإجتراح الحلول وإنقاذ عهد الرئيس عون الذي يبدو أنه بالرغم من كل الأزمات المتلاحقة، يصر على التمسك بذهنية قديمة تتناقض مع تطلعات الرئيس المكلف.
لم ييأس الرئيس ميقاتي وسيلة لاقناع من يعنيهم الأمر، بأن الآليات التقليدية السابقة لتشكيل الحكومات لا يمكن أن تنطبق على هذا الظرف الدقيق والصعب، خصوصا أن الحكومة العتيدة ستكون تحت المجهر، وهي من المفترض أن تستعيد ثقة المجتمع الدولي لكي تستدرج المساعدات الموعودة، وأن لا تشكل أي إستفزاز للمحيط العربي، وأن لا تضاعف من خيبات الأمل اللبنانية
هذه المعادلة الثلاثية حاول ميقاتي وما يزال يحاول تطبيقها في عملية التأليف، وهو ترجمها بسلسلة سلوكيات لم يفهم البعض مضمونها أو ربما لم يرد فهمها كونها تقطع الطريق على أكثرية المطالب والشروط, ومن أبرز هذه السلوكيات:
أولا: إن الرئيس ميقاتي إرتضى التكليف لكي يؤلف ويقود ورشة وقف الانهيار والانقاذ، ولم يأت للدخول في محاور سياسية أو تسجيل نقاط أو تصفية حسابات أو تنفيذ أجندات.
ثانيا: إن الرئيس المكلف لم يطلب أي حصة وزارية لنفسه، ليس تنازلا منه عنها أو زهدا فيها، وإنما ليؤكد رفضه لمنطق المحاصصة وعلى قاعدة: “من ساواك بنفسه ما ظلمك”، وإقتناعا منه بأنه هو رئيس الحكومة وهو رئيس كل الوزراء ويمتلك كل المقاليد، وبالتالي فلا حاجة له بأي حصة، وهذا الأمر بنظره ينطبق أيضا على رئيس الجمهورية الذي لا يحتاج الى حصة وزارية كونه رئيس البلد وكل المؤسسات وهو من يترأس مجلس الوزراء في حال حضوره.
ثالثا: التمسك بالدستور الذي يقضي بأن يشكل الرئيس المكلف حكومته وأن يوافق عليها رئيس الجمهورية ويوقع مراسيمها معه، وهذا ما عمل ميقاتي على تطبيقه من خلال عرض الأسماء التي كان يختارها على عون للموافقة عليها.
رابعا: إصرار ميقاتي على رفض توزيع الحقائب كهدايا على التيارات السياسية أو جوائز ترضية ليصار الى إستخدامها والاستفادة منها في الاستحقاقات وخصوصا الانتخابات النيابية، حيث يصر على أن يكون وزيرا الداخلية والعدل لا لون سياسيا لهما ويتمتعان بالكفاءة والولاء الوطني لتخرج الانتخابات من تحت أيديهما بكل نزاهة وشفافية وديمقراطية، وكذلك بالنسبة لسائر الوزراء.
تعليق