هل سيقدم الرئيس ميشال عون على انقاذ القسم الأخير من ولايته او عهده, بالمساعدة على تشكيل الحكومة المتعسرة و المشاركة في وضع خطة محكمة للعبور من تلك الازمة الطاحنة التي تمر بها لبنان سياسيا و اقتصاديا
باعتراف مختلف القوى السياسية ومنها التيار الوطني الحرّ، باتت أيام الفراغ حملا كبيرا على العهد ورئيسه، فبعد أحداث 17 تشرين التي ادت الى استقالة حكومة الرئيس الحريري الثانية خلال عهد عون، بدا الفراغ وعدم القدرة على الحكم واتخاذ القرارت عنوانا أساسيا لولاية الرئيس القوي، الذي انتظرته طويلا شريحة كبيرة من اللبنانيين، لاسيما المسيحيين منهم، الذين ظنوا ان قوة التمثيل الشعبي الذي يتمتع بها رئيسهم ستزيده صلابة فيحكم وينفذ ويطلق العنان للمشاريع والانجازات.
لكن عالم الواقع وحتى اللحظة بدا مغايرا للنظريات التي حيكت حول مفهوم الرئيس القوي، وذلك لأسباب عديدة، قد يكون أبرزها وأكثرها وضوحا هو الاعتذارات المتتالية عن تشكيل الحكومة والتي استنزفت ما لايقل عن 40% من عمر العهد ومن امكانيته على اطلاق الاصلاح والتغيير
لذلك يبدو الرئيس عون في هذه المرحلة أمام خيارين لا ثالث لهما، الأول متمثل في الاستمرار بالفراغ الحكومي والاعتماد على اجتماعات المجلس الأعلى للدفاع، التي اثبتت تجارب الأشهر الماضية، انها لا تؤتي بالنتائج المطلوبة لاسيما على صعيد تسيير أمور الناس، وبذلك قد يكون الاختيار وقع على انهاء العهد برفقة حكومة تصريف اعمال وبرفقة احتمالات مفتوحة على الفوضى وزيادة الانهيار وعلى مؤتمرات لا يمكن تحديد موازن القوى فيها منذ الآن.
أما الاحتمال الثاني، والذي يمكن اعتباره الأقرب من الرئيس عون، لاسيما انه ومع تكليف الرئيس نجيب ميقاتي قال علانية ودون مواربة "أريد انقاذ عهدي", وأنقاذ العهد، سيؤدي حتما الى بداية انقاذ لبنان واللبنانيين، الذين ملوا الانتظار والفراغ القاتل الذي يهددهم يوميا بأكلهم وشربهم وصحتهم.
وللحقيقة وبعيدا عن مبدأ التهويل والنظريات غير القابلة للحياة والتطبيق، تبدو امكانية ايقاف الأزمة في هذه المرحلة غير مستعصية وممكنة، فالقنبلتان المعيشيتان المتمثلتان برفع الدعم وتحرير سعر الصرف اللتان شكلتا عائقا امام تشكيل اي حكومة، لا يمكن الأخذ بهما بعد اليوم، فالدعم عمليا بات مرفوعا عن مختلف السلع والخدمات دون استثناء، وسعر الصرف بات محررا لدرجة انه قد يتبدل ويتغير على رأس كل ساعة.
وهذا، لا بد له من ان يترجم ليونة صريحة على صعيد توزيع الحقائب السيادية والخدماتية ووضعها في اياد الاختصاصيين الأمنين، الذين لا تقع على عاتقهم مهمة ايقاف الانحدار واجراء الانتخابات النيابية وحسب، انما وضع خطة اقتصادية شاملة تبدأ من اعادة هيكلة المصارف ولا تنتهي عند البحث عن عوامل الانتاج الممكنة في الدورة الاقتصادية اللبنانية.
تعليق