الاثنين، 2 سبتمبر 2024

الشيخوخة في لبنان بلا حماية وشبابه إلى الهجرة

الشيخوخة في لبنان

 

الشيخوخة في لبنان بلا حماية وشبابه إلى الهجرة

خلال خمسة أعوام، تمكنت الازمة الاقتصادية من أن تفعل ما لم يفعله 50 عاماً من استراتيجيات تنظيم الأسرة، إذ يشهد لبنان تراجعاً في الإقبال على الزواج وانخفاضاً في المواليد، مقابل ارتفاع مستويات الهجرة  الدائمة إلى خارج البلاد، مما يجعل المجتمع أمام قدر محتوم، والانتقال من الفتوة إلى الشيخوخة.

وشكل عام 2019 نقطة تحول على مستوى النمو الديموغرافي في لبنان وصولاً إلى أرقام صادمة في عام 2023، إذ قاربت الزيادة في بعض الأقضية مستوى الصفر في المئة. وبحسب دراسة أنجزتها "الدولية للمعلومات"، وهي شركة أبحاث ودراسات مقرها بيروت، وصل عدد الولادات إلى قرابة 67 ألف نسمة (66,866)، مقابل ما يزيد على 26 ألف وفاة (26,284)، أي بزيادة 40,582 فرداً. ولاحظت الدراسة اختلاف معدلات الولادات والوفيات بين الأقضية، إذ ترتفع في الأقضية ذات الأكثرية المسلمة، فيما تنخفض في الأقضية ذات الأكثرية المسيحية.
ولاحظت الدراسة تراجعاً كبيراً في الزيادة الديموغرافية مقارنة بمرحلة ما قبل الأزمة، فقد سجل لبنان بين عامي 2016 و2019 زيادة وصلت إلى 354,866 نسمة، مقابل 100,771 وفاة، أي زيادة بمعدل 254,095 إنساناً، أي إن المتوسط السنوي للزيادة كان يوازي 63,523 فرداً، مقارنة بـ40,582 فرداً زيادة في 2023.

ولا تقتصر الأخطار على تراجع خصوبة اللبنانيين بصورة مستمرة وسريعة، فقد سجلت في 2010 ما يزيد على 95 ألف ولادة جديدة، إلى ما دون 63 ألفاً في 2022، لتتجاوزها إلى نسب الهجرة المتصاعدة. فخلال الفترة بين عامي 2019 و2023 غادر لبنان قرابة 450 ألف مواطن معظمهم من الشباب، وسجل عام 2023 وحده، مغادرة 200 ألف مواطن لبناني بلادهم.

ويشير رئيس مركز السكان والتنمية علي فاعور إلى فقدان لبنان 12 في المئة من اللبنانيين المقيمين، وأكثريتهم من الشباب أصحاب الكفاءة، الأمر الذي يشكل خسارة للموارد البشرية اللبنانية، كما يلاحظ تراجعاً في عقود الزواج، مقابل ارتفاع في حالات الطلاق بين عامي 2018 و2023، إذ وصلت معاملات الطلاق 8541 حالة، أي قرابة 28 في المئة من مجمل عقود الزواج في عام 2023، البالغة 30,553 عقد زواج.

اللبنانيون والتراجع المستمر

وتظهر الدراسات السوسيولوجية اتجاه المجتمع نحو الشيخوخة، ويشير الباحث الاجتماعي عبدالرحمن عزو وجود عوامل عدة مؤثرة في ولادة التحولات الجذرية ضمن المجتمع اللبناني وهذه الظاهرة المركبة، منها ما هو سياسي، ومنها ما هو اقتصادي وثقافي. ويعتقد أن الأثر الأكبر في شيخوخة المجتمع، إنما يكون لهجرة شريحة الشباب، "كان ملحوظاً خلال الأعوام الماضية، هجرة عائلات بأكملها، إذ يأخذ الأب معه كامل أفراد الأسرة". كما يسلط عزو الضوء على الوضع الاقتصادي الصعب الذي يفرض أعباء باهظة على الشبان والشابات، ويدفعهم إلى الإحجام عن التفكير بالزواج، وكذلك قيام الأبوين بالتفكير العميق في تحديد عدد الأولاد، "يبحث الأهل حالياً عن تأمين حياة الرفاهية لأطفالهم، وتأمين مستوى عال من المعيشة. وأصبح الحديث عن الاهتمام بتنشئة نوعية لا كمية"


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق