السبت، 16 سبتمبر 2023

فرنسا والإرهاب.. إجراءات صارمة ومواجهات حاسمة

فرنسا والإرهاب

على مدار السنوات الأخيرة عانت فرنسا كثيرًا من الإرهاب؛ حيث شهدتْ أكثر من مدينة فرنسية عمليات متلاحقة من الجهاديين الذين كان منهم لاجئون أحيانًا، ما ترك آثاره السيئة لدى قطاع كبير من الفرنسيين الذين راحوا ينظرون بألم لجثث مواطنيهم من الضحايا، ويتساءلون: هل أخطأنا حين سمحنا للاجئين بعبور حدودنا؟

وبديهي أن تتضخم حالة الإسلاموفوبيا، وتُصبح قوة الدفع للمجتمع الفرنسي، خاصة بعد اشتداد وزيادة الهجمات الإرهابية على فرنسا؛ حيث باتت المطالبات القانونية التي تسعى في منحنى ثابت وبخطوات سريعة إلى تمرير العديد من الآليات التشريعية التي تتعلق بالحد من وجود هذه الكيانات، بل امتد الأمر لتصوير الإسلام على أنه عنصر يعزز الفرقة، ويهدد الأمن في المجتمع الفرنسي، بما يتسبب في أضرارٍ جسيمةٍ وخطيرةٍ على هوية المجتمع الفرنسي، على العكس مع الديانتين المسيحية واليهودية.

وبين عشية وضحاها وجدتْ الحكومة نفسها مضطرةً إلى إعادة التفكير في إجراءات دخول لاجئين جدد، بل تشديد الرقابة على مَنْ تسمح لهم فرنسا بالعيش على أراضيها، حتى لو كان داخل مخيمات.

جاءت تلك الإجراءات الصارمة ردًا على استغلال الجهاديين الجو الديموقراطي الحاضن للجميع في فرنسا، وكذلك حفاظًا وحماية للأمن القومي الفرنسي، بعد تزايد أعداد الهجمات الإرهابية على فرنسا، وهذا ما فتح الباب أمام محاولة مواجهة الجماعات والتنظيمات التي تُثير الشبهات حول مصادر تمويلها وتوغلها في المجتمع الفرنسي، في ظل الترابط الأيديولوجي بين منفذي العمليات وبعض الجمعيات التي تجد من ديمقراطية فرنسا حاضنة لها للتوسع والتمدد في القارة الأوروبية؛ خاصةً في ظل انحسار هذه الجماعات في دولها الأم.

يُعد "اتحاد المنظمات الإسلامية"، أكبر الكيانات الموجودة في فرنسا والأكثر تأثيرًا في توجهات المسلمين بها، وهو من أكثر المنظمات خضوعًا للرقابة الفرنسية، ومؤخرًا ظهرت حقيقة توجهاته وانخراطه في عمليات مشبوهة عوضًا عن التوجس المتعلق بمصادر تمويله، فمن خلاله يتم تسييس القضايا وتغليفها بغلاف ديني لضمان فاعلية أكثر في التأثير والانتشار، وهو ما دفع الحكومة الفرنسية لاتخاذ تدابير الحذر.

و"اتحاد المنظمات الإسلامية" خرج للنور في فرنسا منذ وقت ليس بالبعيد نسبيًّا، في عام 1983م، على يد العراقي زهير محمود، والتونسي عبدالله بن منصور، المقربَين من جماعة الإخوان، ووصلا إلى فرنسا في مهمة دراسية، وخلالها أسسا "اتحاد المنظمات الإسلامية"، وكانت بدايته مجرد تجمع عائلي لأربع جمعيات ذات تنظيم سري، وظل على سريته حتى أُثيرت قضية "الحجاب الإسلامي" ومنعه في الأماكن العامة في فرنسا، ما دفع الاتحاد للظهور علنًا في أكتوبر 1989.

وضم الاتحاد -فيما بعد- ما يقرب من 200 جمعية تُغطي مختلف ميادين الحياة الاجتماعية، الدعوية والخدمية والإرشادية في فرنسا، لكن وفقًا لفكر ومبادئ جماعة الإخوان، فقد أوجدت العديد من الظروف الداخلية للدول الأم لهذا الكيان وما تبع ذلك من زيادة الحصار والرقابة على أنشطة هذه الجماعة، إلا أن وجودهم في أوروبا أوجد فرصة الحماية المدنية التى توفرها فرنسا لهذه الكيانات؛ حيث تنطلق هذه الجماعة لإقامة نظام سياسي يسترشد بالشريعة الإسلامية في سبل الحكم والحركة. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق