الأحد، 23 أكتوبر 2022

شربل

الحرب الأقتصادية الناعمة

شربل بتاريخ عدد التعليقات : 0


الحروب التي شهدها العالم قبل عصر التكنولوجيا الحديثة كانت تندرج تحت مفهوم واحد هو الحرب التي تعتمد على قوة السلاح والجيوش ، ومدى قدرتها على سحق العدو المقابل ، فكلما زادت القوة والعدد زادت فرصة النصر في الحرب ، ومع تطور التكنولوجيا وأساليب الحياة تنوعت أساليب الحرب.

ولم تعد تعتمد الدول والقوى على الأمكانيات العسكرية وأنما أصبحت توظف وسائل أخرى في محاولة لأضعاف العدو دون تكبد خسائر بشرية أو مادية ، وأصبحت ما يسمى "الحرب الناعمة" مصطلح شائع بعد الحرب العالمية الثانية بين المعسكرين الغربي والشرقي من خلال أستخدام وسائل التكنولوجيا في الوصول الى المعسكر الآخر دون حرب معلنة أو مباشرة ودون أستخدام أية معدات عسكرية أو أسلحة.

ومن أشكال الحرب الناعمة والتي أصبحت تستخدم اليوم بكثرة هي الحرب الناعمة بأستخدام الأقتصاد كوسيلة فعالة لمحاربة العدو من خلال عقوبات مباشرة على الدولة المراد شن الحرب عليها ، أو من خلال أجراءات داخل البلد مثل شبكات التهريب أو الأحتكار أو أستخدام عملاء يقومون بتخريب الأقتصاد من الداخل من خلال تهريب العملة أو ضخ بضائع فاسدة في الأسواق وأغراق الأسواق ببضائع تهدم الأقتصاد والصناعة الوطنية.

ولان للحرب الأقتصادية أدوات عديدة تبرز اليوم أحد أكثر أدواتها حداثة ، حرب العملات هي حرب أقتصادية باردة يديرها اللاعبون الأقتصاديون الكبار ، حيث تقوم دولة (أو أتحاد دول لديه عملة موحدة) بأستخدام السياسة النقدية عبر التدخل في سوق الصرف وتبادل العملات لتقليص القوة التنافسية للدول الأخرى ، وجه آخر غير مباشر لهذه الحرب يتمثل في قيام المسؤولين بالتصريح عبر وسائل الأعلام عن سياسات ضد دولة ، أو التحذير من أوضاع مستقبلية قد تخفض قيمة العملة الدولة المستهدفة مما يؤثر على عملتها في الأسواق.

وهنا يحضر النموذج الصيني الأمريكي ، فأخطر الحروب الأقتصادية الناعمة الحالية والتي ستكون بحسب المراقبين سبباً في التحول من النظام الأقتصادي العالمي, ظهر المصطلح للمرة الأولى عام 2008 في كتاب "حرب العملات" للباحث "سنوغ هونغ بينغ" الأمريكي من أصل صيني ، صدر الكتاب قبل الأزمة المالية ويتحدث فيه الكاتب عن المساعي الأمريكية ومن خلال حرب العملات الى ضرب التعاظم الأقتصادي للدول الصاعدة وتحديداً الصين.

يستمر هذا الصراع العالمي في الحرب الأقتصادية بين الدول ، حيث تبرز نماذج عديدة حالية لهذا الصراع ( بين أمريكا والأتحاد الأوربي ، أمريكا والصين ، أمريكا وروسيا ، أمريكا وأيران ،…..).

يبدو واضحاً أن القاسم المشترك الأمريكي هنا يمكن الرهان على أن الدول المنافسة لواشنطن في صراعها الأقتصادي باتت تشعر بعبء السياسة المالية الأمريكية وأضرارها على الأقتصاد العالمي ، حيث تقوم واشنطن بتصدير مشاكلها الأقتصادية لتتحملها بقية الدول.لكن ولكي لا نبقى بعيدين عن الواقع ، فأن المشهد العالمي للصراع الحالي بين أمريكا والصين سيؤثر حتماً على الأقتصاد العالمي ، لأمتلاك هاتين الدولتين نحو (46 ‎%‎) من حجم التجارة العالمية ، وهنا تعيش مجتمعاتنا أمام حرب لا يمكن معها الا انتظار النتائج ، في ظل دول تحكمنا لا تمتلك أي وزن أقتصادي عالمي.

الحرب الأقتصادية الناعمة
تقييمات المشاركة : الحرب الأقتصادية الناعمة 9 على 10 مرتكز على 10 ratings. 9 تقييمات القراء.

مواضيع قد تهمك

تعليق