يقصد بالأمن الصحي توفير وسائل الوقاية والمعالجة من الأمراض والأوبئة. وترتبط الصحة ارتباطًا وثيقًا بتحقيق الأمن الاقتصادي للمجتمع، فالمجتمع الذي يخلو من الأمراض يتمتع شعبه بنشاط وقوة، ما يمكّنه من الإنتاج والعمل وتحقيق معدلات نمو اقتصادي مناسب، بينما يحدث العكس في المجتمع الذي تسيطر عليه الأمراض والأوبئة.
ولذلك تحاول الدول مكافحة الأمراض الخطرة، مثل الإيدز وأنفلونزا الخنازير والطيور، وحتى الأمراض التي تصيب الحيوان، (حمى الوادي المتصدع، وجنون البقر، وغيرها) لحماية اقتصادها ومواطنيها. كما يرتكز الأمن الصحي بصورة أساسية على توفير برامج الرعاية الصحية الأولية، وخدمات التأمين الصحي للمواطنين، وتوفير الأدوية المنقذة للحياة، وتطوير المؤسسات الصحية وزيادتها، كالمستشفيات والمراكز الصحية ومراكز الإرشاد والتثقيف الصحي، فضلًا عن إعطاء أهمية قصوى لصحة الفئات الضعيفة، كالأطفال والمرأة والمعوقين وكبار السن...إلخ.
هو تلك السياسة التي ترمي إلى توفير الحماية الاجتماعية للعاملين في مؤسسات الدولة والمجتمع من خلال اتّباع نظام استقطاع جزء من رواتب العاملين وإيداعها في صندوق معين وفق قوانين ولوائح معروفة، لمنحهم تعويضات في حالات ترك العمل أو الفصل من الخدمة أو بلوغ سن التقاعد، أو العجز أو المرض أو الوفاة.
وهذا النظام يعرف بالتأمين الاجتماعي أو فوائد ما بعد الخدمة، والذي يرتكز بصورة أساسية على تسخير عمليات التكافل وسط قطاع العاملين، لتوفير الحماية والأمن الاجتماعي لهم. أما الأمن التكافلي الصحي فهو نظام تكافلي بين المواطنين والدولة، حيث يدفع المشترك - حسب دخله - مساهمة شهرية محدودة ليتمتع هو وأفراد أسرته بالخدمات الطبية المتكاملة، بغض النظر عن حجم الأسرة وحجم الخدمات المطلوبة، والتي تشمل الكشف والفحص المجاني، والدواء بتكلفة رمزية.
تمثّل مكافحة الفقر واحدة من أهم مكوّنات الأمن الاقتصادي. إذ يمثّل الفقر الخطر الأكبر على المجتمعات المعاصرة. فبانتشار الفقراء في المجتمع، تنتشر الأمراض وسوء التغذية وتكثر الجرائم والسرقات، كما تتفاقم حالة عدم الرضا، مما يتسبب في عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني. ولذلك ينظر إلى مشاريع مكافحة الفقر وكفاءتها في التدخل، على أنّها عامل أساسي في تحقيق الأمن الاقتصادي، بل الأمن الشامل في المجتمع.
يعتبر العمل مصدرًا مهمًا في إشباع الحاجات الأساسية للإنسان وتحويل الفرد من حالة الفقر والجوع والخوف، إلى حالة الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. كما أنه الوسيلة والمدخل الفاعل في تحقيق القوة والأمن الاقتصاديين، ولذلك ينظر إلى المجتمع الذي تسود فيه معدلات مرتفعة من البطالة وغير الناشطين اقتصاديًّا على أنه مجتمع فقير أو غير منتج أو غير نامٍ، أو متأخر، مما يؤسس لحالة من عدم الاستقرار الاجتماعي. أمّا ارتفاع معدلات السكان الناشطين اقتصاديًّا فينعكس استقرارًا في الوضع الاقتصادي للدولة المعنية، ويعكس مدى قدرتها على تحقيق أمنها الاقتصادي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق