قال بطريرك الموارنة في لبنان بشارة بطرس الراعي اليوم الخميس، إن من يجرون البلاد إلى صراعات إقليمية لا يتصرفون لمصلحتها وذلك في تصريحات مباشرة غير معتادة تشير إلى جماعة حزب الله, ودعا الراعي إلى بقاء لبنان على الحياد في إشارة إلى دور حزب الله في القتال في سوريا لدعم دمشق وتحالفه مع إيران في الصراعات الإقليمية.
وأكد تصميمه على المطالبة بـ"الحياد اللبناني"، موجها عدة أسئلة إلى حزب الله على ما يبدو "هل تريد إجباري على الذهاب إلى الحرب؟" و"لماذا تقف ضد الحياد، هل تريد إجباري على الذهاب إلى الحرب؟ هل تريد إبقاء لبنان في حالة حرب؟ هل تأخذ برأيي حين تقوم بالحرب؟"
وللبطريرك نفوذ في لبنان باعتباره رئيسا للكنيسة المارونية التي تخص الطائفة التي يجب أن يكون منها الرئيس بموجب نظام تقاسم السلطة, ويقول معارضو حزب الله إن علاقته مع طهران أبعدت دول الخليج العربية التي كانت تضخ الأموال إلى لبنان مما أدى إلى إغلاق مصدر هام للمساعدات.
وتسببت الأزمة المالية الطاحنة بلبنان في انهيار الليرة الأمر الذي أدى إلى تفاقم الفقر والجوع. وهذه أسوأ أزمة يعيشها لبنان منذ الحرب الأهلية 1975-1990.
وجاء كلام الراعي في مقطع فيديو مدته دقيقة و27 ثانية للقاء له عبر فيديوكونفرس، مع مجموعة من الطائفة المسيحية بأبرشية مار مارون بروكلين في أميركا، جرى تداوله بمواقع التواصل الاجتماعي ليل الأربعاء-الخميس, وتابع "هل تطلب موافقتي للذهاب إلى سوريا والعراق واليمن؟ هل تطلب رأي الحكومة حين تعلن الحرب والسلام مع إسرائيل؟ علما بأنّ الدستور (اللبناني) يقول إن إعلان الحرب والسلام يعود إلى قرار من ثلثي أصوات الحكومة".
وقال بطريرك الموارنة في مخاطبته حزب الله "ما أقوم به أنا هو في مصلحتك، أما أنت فلا تراعي مصلحتي ولا مصلحة شعبك", وكشف أن "أناسا من حزب الله يأتون إلينا ويقولون: هيدا (هذا) السلاح (سلاح حزب الله) ضدنا، مش قادرين بقى نحمل (لسنا قادرين على تحمله)، لأنهم جوعانين متلنا".
وفي 17 أغسطس/آب الماضي، أطلق الراعي وثيقة بعنوان "لبنان الحياد الناشط"، تؤكد ضرورة "تعزيز مفهوم الدولة اللبنانية من خلال جيش قوي وقضاء مستقل ومؤسسات قادرة على تحقيق الأمن والاستقرار الداخلي والدفاع عن الأرض ضد أي اعتداء، سواء من إسرائيل أو غيرها", ورأى الراعي في عظته حينها أن "الجيش هو من الشعب ولا يجوز وضعه في مواجهة شعبه"، مشيرا إلى أنه "القوة الشرعية المناط بها مسؤولية الدفاع عن لبنان ولا يجوز تشريع أو تغطية وجود أي سلاح غير شرعي (في إشارة لسلاح حزب الله) إلى جانب سلاحه".
ووسط استقطاب حاد، يمر لبنان بأزمة سياسية واقتصادية هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990 ويعجز عن تأليف حكومة جديدة منذ استقالة حكومة تصريف الأعمال الراهنة برئاسة حسان دياب في أغسطس/آب الماضي.
وفي 27 فبراير/شباط الماضي، دعا الراعي إلى عقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة لـ"إنقاذ لبنان" واعتماد مبدأ "الحياد"، إلا أن دعوته قوبلت بانتقادات من بعض الأطراف السياسية، على رأسهم حزب الله, وتعتبر تصريحات الراعي الأحدث في سياق تجاذبات سياسية لم تهدأ منذ تفجير مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/اب، إلا أنها تكتسي أهمية من حيث توقيتها فهي تأتي بعد يوم من تصريحات أمين عام حزب الله حسن نصرالله حذّر فيها من أن الوقت نفد وأن على السياسيين أن يضعوا مطالبهم جانبا لتشكيل الحكومة وإنقاذ البلاد من أزمة مالية غير مسبوقة.
تعليق