يعود تاريخ الدهون المهدرجة إلى أوائل القرن العشرين، عندما تم اكتشاف أن الزيوت النباتية يمكن معالجتها بغاز الهيدروجين لجعلها صلبة أو شبه صلبة، ولذلك تسمي تلك الدهون بالدهون المهدرجة. وتتم هدرجة الزيوت النباتية بشكل جزئي فقط حتي تعطي القوام المطلوب و مدى تأثير ذلك على صحة الجسم.
لأنها لو تمت هدرجتها بشكل كامل فإن قوامها يصبح شديد الصلابة بحيث يستحيل استخدامها في الطعام. وهكذا سرعان ما أصبحت الزيوت المهدرجة جزئيًا متعددة الاستخدامات ورخيصة السعر مقارنة بالدهون الحيوانية مثل الزبدة أو الشحم البقري وشاع استخدامها لفترات طويلة، حتى شاع الاعتقاد بأنها آمنة صحياً.
ويرجع الفضل في هذا الاكتشاف إلي مجموعة كبيرة من الدراسات الطبية للصحة الغذائية لعل أهمها دراسة مُوسّعة اسمها "دراسة الدول السبع"، حيث اشتركت في إجرائها سبع دول هي: أمريكا وفنلندا وهولندا وإيطاليا واليونان ويوغوسلافيا السابقة واليابان، وكانت الدراسة تحت قيادة جامعة مينيسوتا الأمريكية المرموقة.
كان الغرض من إجراء هذه الدراسة متابعة العوامل المسببة لأمراض القلب والشرايين، حيث تمت دراسة على ما يزيد عن الثمانين من هذه العوامل ومتابعة أعداد كبيرة من الناس لعشرات السنوات. وكانت الدهون المهدرجة من العوامل التي تمت دراستها بدقة في هذه الدراسة وتبين منها أن تقليل 2% من السعرات المستمدة من الدهون المهدرجة يؤدي إلي تقليل الإصابة بأمراض الشرايين التاجية بنسبة 28% علي مدي عشر سنوات.
وقدر علماء الصحة العامة في جامعة هارفارد، كبري الجامعات الأمريكية، في مقالة مرجعية منشورة في مجلة الجامعة أن (مجرد رفع الدهون المهدرجة من الأطعمة واستبدالها بالدهون النباتية غير المهدرجة يكفي لمنع عدد من الوفيات المبكرة يتراوح بين ثلاثين ألف إلي مائة ألف وفاة كلها ناتجة من جلطات الشرايين التاجية في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها في كل عام).
وقدرت دراسة منشورة في مجلة الغذاء والممارسة الطبية ( Nutrition and Medical Practice ) أن استبدال الدهون المهدرجة بالدهون غير المهدرجة يستطيع أن يقي من 39% من أمراض الشرايين التاجية.
وبالرغم من خطورة هذا الاكتشاف، فقد احتاج تنبيه العلماء وتحذيرهم من خطورة الدهون المهدرجة إلي عقدين من الزمان لتتحول بالتدريج إلي قرارات تنفيذية في الكثير من الدول لحماية الأفراد والمجتمعات من هذه المضاعفات الخطيرة. (مرفق صورة من تقرير عن المبادرات التي تقدمت بها أهم المنظمات الصحية الدولية المعنية بالشؤون الصحية في هذا الصدد).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق