عندما وضع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لوحة القيادة، وفق الأولويات، جاء الموضوع الأمني في رأس سلّم هذه الأولويات. وهنا نعود بالزمن إلى اليوم الذي كانت تُطرح فيه نظرية الأمن قبل الرغيف، أم الرغيف قبل الأمن؟ أكدّنا في السابق ونعيد اليوم الكرّة. الأمران متلازمان ومرتبطان ببعضهما البعض إرتباطًا عضويًا ومصيريًا. فإذا لم يكن الأمن مستتّبًا يصبح مصير الرغيف محفوفًا بكل أنواع المخاطر. والمقصود هنا بالرغيف الوضع الإقتصادي.
فمن دون أمن لا إستثمارات ولا حياة إقتصادية متعافية. هذا مؤكدّ نظريًا وعمليًا. وقد خبر لبنان هذا الأمر في أكثر من محطة في تاريخه الحديث. فإذا لم يكن الأمن بمفهومه العسكري مستتّبًا، وإذا كانت الفوضى هي المسيطرة، وإذا كانت النزاعات هي السمة المسيطرة على الحياة السياسية، يكون الوضع الإقتصادي والمالي في البلد في أدنى مستوياته، من حيث متانة العملة الوطنية وقوتها الموازية للعملات الأجنبية الأخرى، ومن حيث توافر الإمكانات التنافسية، ومن حيث النمو الإقتصادي ومستوى الدخل القومي والفردي.
هذه اللوحة بكل ما فيها من واقعية، وهي ترجمة لما يعيشه لبنان منذ نحو سنتين، إرتسمت معالمها كمشهدية بألوان قاتمة أمام ناظري رئيس الحكومة، الذي سبق له أن عايش مثل هكذا ظروف يوم إفتُعلت في وجهه حوادث طرابلس لإفشاله وإفشال حكومته الثانية, يؤكد الرئيس ميقاتي أن الأمن هو أولوية الأولويات، لأنه يؤمن بأنه من دون توافر هذا الأمن لكل مواطن في أي منطقة لبنانية لا يمكن تحقيق أي إنجاز لا على الصعيد الإقتصادي ولا المالي ولا الإجتماعي ولا التربوي.
من هنا يمكن القول إن في رأس هذه الأولوية يأتي التشديد على تعزيز قدرات الجيش وسائر القوى الأمنية لكي تستطيع أن تقوم بالدور المطلوب منهما، لجهة تأمين الأمن والأمان لجميع المواطنين. ولكي يستطيع الجيش والقوى الأمنية الأخرى القيام بمهامهما على أفضل وجه يقتضي في بداية البدايات تأمين الأمن الإجتماعي لأفراد هذه القوى، وبالتالي مدّها بما يلزم من الدعم المعنوي والمادي واللوجستي، وتطوير قدراتها ومهارتها لتستطيع مواجهة كل التحدّيات بثقة بالنفس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق